Translation

فلسفة الإنسانيين ، فلسفة الأنا والأنا الآخر


تمّ نشر هذه الفقرات من فلسفة الإنسانيين ، لشرح معنى الإنسانية ، لأوّل مرة على الإنترنت ، سنة 2000


مؤسس فلسفة الإنسانيين

Philosophe Mohammad Eldaou



في التماثل الجوهري الإنساني فإن البشر أكثر من أخوة

الناس ليسوا أخوة . بل إنهم أقرب . فهم من نفس واحدة ، وفي كل إنسان نفس الجوهر الإنساني . فإن الحكمة الدينية تؤكّد بأن روح الله هي في كل نفس لكل إنسان . فلا تقل أنا أنا وغيري هو الآخر أو الغريب، أو أنه  ليس من عائلتي أو ليس من طائفتي أو ليس من بلدي . وإن واقع الحياة بين الناس يؤكّد أنه لا وجود للإنسان إلاّ في حالة أنا . فأنت أنا وهي أنا وهو أنا وكل إنسان آخر في جميع البشر  هو أنا آخر لكل أنا آخر .

وهكذا فإن كل إنسان غيرك هو توأمك في الروح وإنّ نفسه هي نفسها نفسك . وكل إنسان غيرك هو أناك الآخر الذي نفسه هي نفس نفسك والذي أنت هو نفسه ، في كيان حي آخر ، في مكان آخر وفي ظروف أخرى . وكلّ  واحد منّا  هو أنا وكل واحد غيرنا هو الأنا الآخر لكلّ واحد منّا.

إن المولود البشري يولد كائناً حيوانيّاً بشربّاً أنانيّا . وفي جميع البشر نفس الطبيعة الأنانية الحيوانية البشرية . وهم متماثلون في هذه الطبيعة الأنانية الحيوانية التي هي في كل واحد منهم . ولكن بالإضافة إلى الطبيعة الأنانية الحيوانية يولد الكائن البشري وعنده استعداد للتحرر من طبيعته الحيوانية بالتربية الإنسانية التي تحوّله من إنسان أناني لا يحب إلاّ نفسه إلى إنسان محبّ للآخرين . وبسبب اختلاف التربية من عائلة إلى أخرى من زمن إلى آخر ، يصبح الناس مختلفين . ففي المجتمعات البدائية الهمجية المتوحشة كان التماثل الحيواني يشكل أساس العصبية العائلية ومنطلق الصراعات الوحشية في ما بينهم في العائلات والمجموعات المختلفة . ولكنهم خلال مراحل التاريخ المختلفة فقد أصبح الإختلاف الأساسي بينهم هو في اختلاف مستوى الأنانية الحيوانية التي لم تعد هي نفسها في كل إنسان . وإن التطوّر المهم الذي حصل في الكينونة البشرية للإنسان هو في العلاقات بين الناس وفي ما لديهم من وعي لضرورة التعامل الإنساني في ما بينهم . وهكذا فإنهم متماثلون في طبيعتهم الأنانية البشرية ، ولكنهم مختلفون  في تفاعلهم مع الطبيعة التي يعيشون فيها  وفي تعاملهم مع من يعيشون معهم ويتعاملون معهم ، ومن ثم فإنهم مختلفون في مدى قدرتهم على تحقيق الإستقرار والأمان والسلام في ما بينهم . إذ أن كل أشكال التماثل والتشابه والتقارب لا يضمن الحياة الآمنة لهم ، حيث إنه لا بدّ لهم من الوعي الإنساني الذي يشكل أساس التفاهم المشترك للتعايش الإنساني في ما بينهم أينما كانوا في دوائر التعايش المشتركة من الدائرة العائلية فالدائرة المجتمعية وصولاً إلى دائرة التعايش الكوكبي .
فإن الأحداث في التاريخ البشري وإن وقائع الحياة تدلّ على أنّه بالرغم من التماثل الجوهري الإنساني والتشابه في الطبيعة بين البشر والقرابة العائلية والتقارب في ما بينهم في الحياة العائلية والمجتمعية وفي الإنتماءات الدينية والوطنية والقومية في بينهم في كل مجتمع ، كل ذلك لم يمنع من الخلافات والصراعات الأنانية والحروب الدموية الوحشية بين البشر ، حتّى في العائلة الواحدة وفي المجتمع الواحد وبين أتباع نفس الديانات .
منذ العهود الهمجية  السحيقة يتصارع الناس صراع الوحوش المفترسة ، قيتقاتلون ويتذابحون ويستعبد بعضهم بعضاً ، بسبب افتقاد الوعي الإنساني . وبعد ظهور الدول فقد استغلّ الأنانيون المسيطرون على المجتمعات ظواهر الإختلاف بين الناس لتحريضهم على بعضهم من أجل توسيع  مساحة السلطة وافتراس حقوق الآخرين. وعلى خبرات عهود  الهمجية تعتمد الدول الحديثة للإستمرار في التوسّع على حساب الآخرين.في منطق العلم والحكمة ، الناس متشابهون في جوهرِ أنا  كلٍّ منهم . وفي واقع العلاقات الإيجابية فإن القيمة الإنسانية لكل منهم هي نفسها في كل إنسان ، مهما اختلفت الأعمار والأجناس والمناصب والمعارف والفوارق بين الفقر والغنى والضعف والقوة والمعرفة والجهل . فبالرغم م نكل هذه الإختلافات ، تبقى القيمة الإنسانية لكل إنسان ثابتة في كل واحد من احتمالاته البشريّة.

 الناس متشابهون  في الجوهر الإنساني . حتّى  في كونهم مختلفين هم متشابهون . في التميّز يتشابه الناس. فكل إنسان هو متميّز مثلك. ومثلك  هو كل إنسان فريد، ليس كمثله أحد .ولو اعتقد الناس بدين واحد سيبقى التميّز بينهم والإختلاف  في الرأي  والإنقسام في المذاهب. وحتى لو كان الناس كلهم من شعب واحد سيبقى كل واحد منهم  مختلف  عن سواه كما هو سواه مختلف عنه ، وستبقى التفرقة بين الجماعات. وحتى وإن في الأسرة الواحدة  فالأخوة مختلفون ولا يتشابهون إلاّ  في الإختلاف ؛ إنهم مختلفون  في  العمر ، في الطبع ، في الإهتمامات … وكذلك في الدائرة البشرية تتنوّع اختلافات جماعات البشر ؛ اللون ،اللغة ، المعتقد ، الأصول التاريخية . وفي بحر هذا التنوع يلقي الزعماء شباك الإصطياد. بقواسم مشتركة وهمية لكي يخلق الزعيم عصبية أتباعه. عصبية العائلية، الطائفية، العشائرية، المذهبية. ولأن وزن الزعيم في ميزان الدول يكون في ما لديه من أتباع ، يتنافس الصيادون وتتعدد الشـِّباك، ويتم تقسيم البشر في حظائر التبعيّات ، لتشكل رصيد النفوذ في حلبات الصراع السياسي وصولاّ إلى الإقتتال الدموي. والكل فيها خاسر، وإن توهّم الجميع أنه في قتال الأخ  في البشرية وقتله فسوف يأتيه الفرَج  

 



مـــلاحـــظة
يرجى ذكر إسم مؤسس فلسفة الإنسانيين عند نشر فقرات منقولة عن هذا الموقع ، وعدم التصرّف بالمحتويات الواردة في هذا الموقع بأي شكل من أشكال مخالفة قوانين حماية حقوق الملكية الفكريّة .



مؤسس فلسفة الإنسانيين
Mohammad Eldaou

عدد زوّار الموقع

085974